الجمعة، 26 فبراير 2010

التخنث الفكري (1)

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحياتي للجميع



حاول الغراب أن يقلد الطاووس بمشيته فلم يستطع تقليده ولم يستطع أن يعود لمشيته الأم فأضاع المشيتين ، ولدينا أمثال هذا الغراب كثيرين أضاعوا فكرهم الذي كانوا يحملونه فلم يستطيعوا الرجوع إلى فكرهم القديم ولم يستطيعوا المضي في الفكر الذي بحثوا فيه فأضاعوا الفكرين واستهجنوا أفكاراً جديدةً ليس لها أساس متين ولا بنيان قوي سليم فهكذا أصبحوا مخنثين فكرياً .

تجد المخنث فكرياً بين أوساط المفكرين ينظّر وبين أوساط الشعراء يهجر وبين أوساط العلماء يتمنطق وكأنه فيلسوف زمانه وأرسطو دهره كما أنه لا يعلم أنه واقع في جهل أعياه تركيبه وفي داء يستعصى علاجه فهو في موقع لا يحسد عليه وفي وادي منحدر يتهالك معه من استحسن فكره وخطى خطاه لعدم العلم بما يجري حوله .

فالناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع ينعقون وراء كل ناعق ويميلون وراء كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق كما قال سيدي ومولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، فتجدهم يترأسون ( المخنثين فكرياً ) الهمج الرعاع وكأنهم نوابغ الدهر وحكماء العصر والحق أنهم كالأنعام بل أضل سبيلا وهم كثر في مجتمعنا والمجتمعات الشرق أوسطية .

فتجد منهم المتملحدين على سبيل المثال فلا هم بملحدين ولا هم دينيين فهم طفرة من طفرات هذا الزمان فحينما تحاكي أفكارهم لا تجد فيها أساس منطقي ينتهجونه ولا حقيقة واقعية تساند فكرهم المستخنث ، على عكس الملحدين الحقيقيين الذين يستندون على ذلك الأساس الذي من الممكن أن يفتح لك أفق في التفكير والرد عليهم بردود علمية قائمة على الحجج والبراهين العقلية التي لا تقبل القسمة ، فتجد أولائك المتملحدين يتفننون بأساليب التزوير وأساليب الخيانة العلمية وتجد بعضهم يسرقون الكلمة من مواضعها ويدعون بذلك العلم والتعلم وأنهم أصحاب السيادة الفكرية بدعوى حرية الرأي والرأي الآخر وتجدهم أي المتملحدين الجدد يتضجّرون ممن ينتقدهم ويشير إليهم بالنقد فأين هم ومدّعاهم بقبول الرأي الآخر .

وتجد منهم المتأسلمين من ذوي المبادئ والقيم والمثل العليا الذين يتيهون في الفرق والمذاهب الإسلامية فلا يعجبهم العجب فينتهجون مذهب جديد وكأنهم ممهدون لديانة جديدة ما أنزل الله بها من سلطان فتجد منهم من يتطاول على أمير المؤمنين عليه السلام بقصد المحاججة وهو لا يعلم بهذا أنه ضرب أساس من الأسس البديهية التي تعلمناها من رسول الله صلى الله عليه وآله كما في رواية أقضاهم علي فيتركون الأصل ويذهبون للفرع ، فتجد القاتل مسكوت عنه والسارق عادل وشارب الخمر مستثنى والمخنث أميراً ، فتجد التمجيد على أشدّه لحامي البوابة الشرقية صدام حسين لا رحمه الله ، وفكرهم المخنث نابع من قلب الحقيقة إلى كذبة يصدقونها هم وأتباعهم.

وهذان نموذجان من التخنث الفكري الذي لا ينطلي على ذوي العقول المستنيرة الذين لا يسقطون أفكارهم على الآخرين كنحو من الفرض والجبر بل تجد أصحاب العقول يرجعون الكلام إلى أساسه ويبحثون في المعلومات التي تطرأ عليهم كمعلومات جديدة ولا يحرفون الكلام عن موضعه ولديهم أمانة علمية في النقل وكما أنهم لا يقصون من خالفهم بالرأي إلى ما وراء المجره ، وليتهم أي المخنثين فكرياً يعودوا إلى رشدهم في يوم من الأيام حتى لا يغطسون في لجة الجهل والعمى كمن أضاع المشيتين .

وأستغفر الله لي ولكم

ولنا لقاء ليس ببعيد

هناك 10 تعليقات:

وردة فرح يقول...

اللهم ارزقنا عافية الدين و الدنيا و الفكر!
طرح قيم ...
يزاك الله خير ..ز

panadool يقول...

طبعا لكل شيئ له أساس
وطبعا هناك من يتحول مع مرور سنين حياته أما من الاسوأ للأفضل أو العكس

والأساس يحل الكثير من الامور
ولكن يوجد مسلألتان
الاولى المصلحه وكيف تفسر الامور تماشيا معها بحيث يكون ضامن لعدم الخساره

والشيئ الثانى
المسائل الخلافيه وكيفية تفسيرها والاجتهادات مقابل حلها مع الاقناع أو بدونه

دمتم بود

سلمان السعدون يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سلة فواكة تحياتي لك وحللت سهلا في المدونة وشاكر لك حسن ظنك

يزاج الله خير

سلمان السعدون يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


تحياتي اخي بندول حياك الله وبياك في مدونتك

بالنسبة للأساس يجب ان يكون متأسس أساس سليم وركن وثيق وان يكون لدى الانسان القابليات التي من خلال يستطيع فلترة الامور

المسألة الأولى ما فهمته منك أن الانسان من الممكن يخسر امور كثيره في مقابل الفكر الذي تبناه

نعم بالنسبة للمخنثين فكريا تجدهم يتماشون مع المصلحة والشهرة وعدم وضوح الرؤية

واما ذوي الفكر السليم فتجده لا يتوانا في الاستمرار على المبادئ والقيم التي انتهجها ولو كلفه ذلك حياته فكما في الرواية وانقل مع التصرف :

ان رجلا أتى الى الامام علي عليه السلام فقال له : اني أحبك فرد الامام ع : اذاً فابن للفقر جلبابا

فمثلا قصة حجر بن عدي وكيفية شهادته وكيف انتصر بمبادئه وقيمه


اما المسألة الثانية في مسألة المسائل الخلافية وكيفية تفسيرها فأتركك مع الرجل الذي كان يقاتل مع أمير المؤمنين عليه السلام حينما سأل أمير المؤمنين ع فقال له أنحن على حق ؟

فأجاب : إنك لمبلوس عليك، إن الحق والباطل لا يعرفان بأقدار الرجال، اعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف أهله

انقل مع التصرف

واذا ما ألمّت بك الشبهات فلا تتركها للزمن ابحث عنها واجب عليها وسوف تجد حلاوة في البحث والتقصي لا يجدها حتى الملوك وابناء الملوك فتقول اين الملوك وابناء الملوك عن هذه اللذه

ودمت بسلامه

-_- يقول...

استفدت بتعليقك على بانادول
نحن مقصرين كثيرا في التعلم من الامام علي رضى الله عنه و ارضاه

جزاك الله كل الخيرا يا اخي

دمت بسلام

سلمان السعدون يقول...

تحياتي أخ شارم

وشكرا لمرورك المعطر بالورد

نحن هنا للاستفاده والإفاده

تحياتي

Safeed يقول...

هذه الحالة هي حالة عامة، تعود في جذورها إلى إيمان الإنسان غالبا بصوابيته المطلقة،حتى وإن كان مخطئًا، فغنه يكابر وينطلق في الرد على الآخرين من باب (ردة الفعل) المماثلة، لا من باب النقض والحل العلميين المنهجيين.
و من المؤسف -حقًا- أن يكون هؤلاء المخنثين فكريا هم من يحصلون على الدعم والتأييد في الساحات بفضل جموع الكمبارس والمطبلين الذيم يمثلون (الهمج الرعاع).

سلمان السعدون يقول...

سفيد

تحياتي سررتني بتعليقك

في غالب الوقت الانسان الساذج يقع فريسة لافرازات البيئة التي ترعرع فيها

ويقع فريسة للاعلام المموه والبهرجة الزائدة

ويقع فريسة للأنا

فتصبح لديه الملكية الزائدة عن اللزوم وقد عنيت بهذا الواقع في الجهل المركب

ففي البداية النقاش والحوار هو السبيل ان كان فعلا يريد ان يعرف الحقيقة بالحجة والبرهان واذا أصر وجحد بالرغم من معرفته للحقيقة هنا لا يفيده حتى ماء زمزم ليطهره

تحياتي

فآطِمهْ يقول...

ليس فكرهم مبني على الأخ بـ الحجه ، ووجود الدلآئل ، و اللجوء لـ مصآدر موثوقه ،
و مصدرنآ الموثوق ، هو القرآن الكريم بلآ شك
فلآ يعملون به يطبقون مآ يحلو لهم و يتجآهلون مآ لآ يحلو لهم
:
و أبسط أبسط مثآل مر علي ، "الحجآب"
أصبح الحجآب ليس بـ الضروري و أن له سن معين على قولتهم بعدي صغيره و إهي صآكه العشرين ومآ فوق
لكن لو نلجأ للقرآن لو نلجأ للرسول و آله نرى أن "الحجآب" من 9 سنوآت
:
:
فـ كيف بـ الأمور الأخرى لن يكون لهم تخنث فكري !!
:
شكراً أخي لـ طرحك
و تقبل وجودي ،

سلمان السعدون يقول...

أخت أنثى ملائكية

تحياتي لك ووجودك مرحب به دائما


وما الحجاب إلا مثال بسيط والأمثلة كثيرة قد لا تحصى

اذا ما فسدت القاعدة فسد البناء هكذا حدث معهم فقاعدتهم ليس لها اساس فبنيانهم متهالك

تحياتي