الأحد، 31 يناير 2010

آية في القرآن تبطل عقيدة الشيعة بعصمة الأئمة عليهم السلام

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أورد أحد الكتاب إشكالا حول الآية التي يقول فيها جل وعلا : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) (النساء :59) .

يدعي الكاتب أن الآية تنفي عصمة أئمة أهل البيت عليهم السلام حيث أن مطلع الآية يأمر المؤمنين باتباع الله والرسول ص وأولي الأمر وأما في حال التنازع فالقرآن يأمرنا بالرجوع إلى الله والرسول ص فلو أن أئمة أهل البيت ع معصومين لأمرنا بالرجوع إليهم في حال التنازع ، كما أن الكاتب أثبت أن الآية تفيد عصمة الرسول صلى الله عليه وآله .

نقول : في الواقع أراد الكاتب إيراد الاشكال على عقائد الشيعة الإمامية من دون أن يرجع إلى تفاسيرالإمامية وأخذ البينة على إدعاءه متبعاَ بذلك هواه وكما قيل سابقا على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين فهو الآن مطالب بدليل على كلامه من كتب الشيعة الإمامية يثبت مدّعاه .

إن الآية الكريمة تفيد العصمة من حيث الطاعة المطلقة لله والرسول (ص) وأولي الأمر ، إن الله هو الكمال المطلق ورسوله يعكس صفات الله في الأرض لذلك كان خليفته في الأرض ورسوله ونبيه ، فأمر الله سبحانه وتعالى بطاعته ( أطيعوا الله ) ومن ثم طاعة الرسول (وأطيعوا الرسول ) المعصوم من الخطأ كما في الآية :( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) ، فالرسول صلى الله عليه وآله فيه صفات كمالية لا يضاهيه فيها أحد كما قال تعالى : (وإنك على خلق عظيم )، وقال أيضا :( فكان قاب قوسين أو أدنى) ، وقال أيضا :( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) ، وقال أيضا :( ولو كنت فضا غليظ القلب لانفضوا من حولك) ، وكثيرة هي الآيات التي تعكس صفات الرسول صلى الله عليه وآله ومن تلك الصفات العصمة التي يتحلى بها كما أشرنا سابقا .

والجزء الأخير من الطاعة هي طاعة أولي الأمر وكما علمنا أن طاعة أولى الأمر معطوفة على طاعة الرسول ص فأولي الأمر يعكسون صفات الرسول ص وكذلك صفات الله ، فطاعة أولي الأمر هي طاعة رسول الله وطاعة رسول الله هي طاعة الله فالنتيجة أن طاعة أولي الأمر هي طاعة الله عز وجل فيستلزم من أولي الأمر أن يتحلوا بالعصمة التي يتحلى بها الرسول صلى الله عليه وآله حتى يكونوا مصداقاً لطاعة الله وحتى يكونوا حجة على غيرهم وحتى نعلم ما هو دين الله ولا يأتينا آتي ويشرع لنا تشاريع لا أنزل الله بها من سلطان ولم ينص عليها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن الآيات التي تدلل على عصمة أئمة أهل البيت عليهم السلام : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ، وكذلك حديث الثقلين الموثوق الصدور لدى المدارس الاسلامية والروايات كثيرة في هذا المقام .

أما في حال التنازع والذي ورد فيه الاشكال نقول : أن الأئمة عليهم السلام شريعتهم هي شريعة محمد صلى الله عليه وآله فيرجعون إلى سنة الرسول صلى الله عليه وآله وإلى القرآن في كل الأمور وكيف لا يرجعون وهم أساس السنة المحمدية فهم سلالة الرسول صلى الله عليه وآله ولم يدعي أحد من الشيعة الإمامية بأن لكل إمام شريعة خاصة به حتى نرجع إليه في حال التنازع ، وبما أنهم أي الأئمة عليهم أعلم بسنة الرسول صلى الله عليه وآله وأعلم بأحكام بالله وقرآنه ونعلم أنهم يرجعون إلى القرآن والسنة الأصيلة الغير محرفة فمن هذا المنطلق نرجع إليهم في حال التنازع كما أننا مأمورين بالرجوع إليهم لما ورد من أدلة على اتباعهم فمن هنا يسقط الاشكال وهذا من وجه .

ومن وجه آخر الأئمة عليهم السلام موضع تنازع بين الفرق الاسلامية فمنهم من يؤمن بهم ومنهم من لا يؤمن بهم ومنهم من يؤمن ببعضهم ولا يؤمن بالبعض الآخر والخطاب في حال التنازع موجه لجميع المسلمين والدليل على ذلك ذيل الآية الكريمة ( ... إن كنتم تؤمنون...) ، أي أن هناك من لم يؤمن وأما الذي لا خلاف عليه هو الرسول صلى الله عليه وآله فلذلك أمر الله بالرجوع إلى الله ورسوله في حال التنازع ، وكما أن الخطاب في بدء الآية موجه للمؤمنين فقط فبالتالي في حال الطاعة وفي حال التنازع نرجع إلى الله ورسوله واولي الأمر ويدلل على هذا المضمون رواية الكافي المعتبرة سندا ج8 ص 184 : علي بن ابراهيم عن أبيه عن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن بريد بن معاوية قال : تلا أبوجعفر الصادق عليه السلام : "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " فإن خفتم تنازعا في الأمر فارجعوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم ثم قال : كيف يأمر بطاعتهم ويرخص في منازعتهم إنما قال ذلك للمأمورين الذين قيل لهم : " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول " .
فمن هذه الرواية نعلم أن الآية موجهه إلى من آمن بأولي الأمر وإلى الذين لم يؤمنوا بأولي الأمر ولو قيل أن التنازع يقع في أمر ولاة الأمر ومن هم؟ فنرجع إلى الله ورسول الله كي يحدد لنا من هم ولاة الأمر كما جاء في حديث الثقلين : ( إني تاركم فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي كتاب الله وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) وكما قال صلى الله عليه وآله : ( مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق ) وكما قال :( من كنت مولاه فهذا علي مولاه ) وكما قال : ( يا علي أنت ولي كل مؤمن من بعدي ) ... وهكذا يسقط إشكال المستشكل وشبهته وهذا و أستغفر الله لي ولكم و اللهم صل على محمد وآل محمد أولي الأمر الذين فرضت علينا طاعتهم وعرفّتنا بذلك منزلتهم ففرج عنا بحقهم فرجا عاجلا قريبا كلمح البصر والحمدلله رب العالمين .

الخميس، 21 يناير 2010

الإمام الحسن ع وكربلاء

عظّم الله أجورنا وأجوركم باستشهاد الامام الحسن ع في السابع من صفر

الامام المظلوم الحسن بن علي عليه السلام باعتقادي أنه هو الممهد لنهضة الحسين عليه السلام ، ولعل البعض لا يعلم مدى تأثير الامام الحسن ع في نهضة الحسين المباركة وكيفية جعل الأمور تنحو إلى انجاح تلك النهضة الحسينية والتي حاول أن يطفئها الكثيرون ولكن دون جدوى و يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره البعض ।

قد كانت حركة الامام الحسن ع تتمركز في محورين بعد أن غدر به عبدة الدرهم والدينار من جيشه ، فقد ركّز في المرحلة الأولى على حفظ بيضة الاسلام كما فعل جده وأباه عليهما السلام وكان ذلك من خلال الصلح مع معاوية ، فقد حفظ الاسلام من معاوية نفسه ، حيث نص كتاب الصلح على أن يعمل معاوية بكتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وهذا يعني أنه لم يكن يعمل بكتاب الله ولا سنة نبيه ، وكذلك أن يكف سب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من على المنابر، بالإضافة إلى التوقف عن مطاردة شيعة الامام علي ع وأن لا يقتلهم ، وأضف الى ذلك أنه حفظ الاسلام من الخوارج والمغفلين وهذا من جهة ومن جهة أخرى احترس من استغلال اليهود والنصارى للحرب التي سوف تنشب بين الحسن ع ومعاوية ، ومن هنا نجد أن الهدنة أتت أكلها وحفظت الاسلام والمسلمين من الأخطار الملمة بالاسلام ।

وأما المحور الثاني الذي كان يراه الامام الحسن ع بعين البصيرة هو نهضة كربلاء والتي يقودها أخيه الحسين ع والتي بدأ بالتمهيد لها من خلال عقد الصلح مع معاوية ،حيث نص البند الأخير من الصلح أن لا يعهد معاوية إلى من بعده سوى الامام الحسن ع ومن ثم الامام الحسين ع في حال ممات الامام الحسن ع ، ومن هذه النقطة كان يمهد لنهضة العاشر من محرم لأخيه الحسين ع ، فمن خلال هذا البند من العقد تمهدت الظروف للحسين ع ، وبإخلال معاوية لهذا البند نرى أن أبعاد الصلح كانت تؤدي إلى نهضة العاشر من محرم والتي نجحت بنظرته الثاقبة لمجريات الأمور والأحداث ।

فلا يأتي البعض من السذج ويقول أن مساهمة الامام الحسن ع كانت ضعيفة في مرحلة إمامته ، بل هي أعظم مساهمة للأمة الاسلامية ولولاه لانطمس نور الاسلام المحمدي الأصيل فهو رابع أصحاب الكساء عليهم السلام ، ولولاه لما عرفت كربلاء حيث أن دور الامام متمم لدور الإمام الذي قبله وممهد لدور الامام الذي بعده إلى أن يتم الله نوره بظهور الامام الحجة بن الحسن عجل الله تعالى له الفرج ।

وبهذا نبين للقارئ الكريم المنصف دور الامام الحسن ع في حفظ بيضة الاسلام والتمهيد لنهضة الحسين ع على حكم بني امية فهم أي محمد وآل محمد في الدهر سادات لنا ولهم في الحشر أسمى الدرجات ।