اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحياتي للجميع
حاول الغراب أن يقلد الطاووس بمشيته فلم يستطع تقليده ولم يستطع أن يعود لمشيته الأم فأضاع المشيتين ، ولدينا أمثال هذا الغراب كثيرين أضاعوا فكرهم الذي كانوا يحملونه فلم يستطيعوا الرجوع إلى فكرهم القديم ولم يستطيعوا المضي في الفكر الذي بحثوا فيه فأضاعوا الفكرين واستهجنوا أفكاراً جديدةً ليس لها أساس متين ولا بنيان قوي سليم فهكذا أصبحوا مخنثين فكرياً .
تجد المخنث فكرياً بين أوساط المفكرين ينظّر وبين أوساط الشعراء يهجر وبين أوساط العلماء يتمنطق وكأنه فيلسوف زمانه وأرسطو دهره كما أنه لا يعلم أنه واقع في جهل أعياه تركيبه وفي داء يستعصى علاجه فهو في موقع لا يحسد عليه وفي وادي منحدر يتهالك معه من استحسن فكره وخطى خطاه لعدم العلم بما يجري حوله .
فالناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع ينعقون وراء كل ناعق ويميلون وراء كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق كما قال سيدي ومولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، فتجدهم يترأسون ( المخنثين فكرياً ) الهمج الرعاع وكأنهم نوابغ الدهر وحكماء العصر والحق أنهم كالأنعام بل أضل سبيلا وهم كثر في مجتمعنا والمجتمعات الشرق أوسطية .
فتجد منهم المتملحدين على سبيل المثال فلا هم بملحدين ولا هم دينيين فهم طفرة من طفرات هذا الزمان فحينما تحاكي أفكارهم لا تجد فيها أساس منطقي ينتهجونه ولا حقيقة واقعية تساند فكرهم المستخنث ، على عكس الملحدين الحقيقيين الذين يستندون على ذلك الأساس الذي من الممكن أن يفتح لك أفق في التفكير والرد عليهم بردود علمية قائمة على الحجج والبراهين العقلية التي لا تقبل القسمة ، فتجد أولائك المتملحدين يتفننون بأساليب التزوير وأساليب الخيانة العلمية وتجد بعضهم يسرقون الكلمة من مواضعها ويدعون بذلك العلم والتعلم وأنهم أصحاب السيادة الفكرية بدعوى حرية الرأي والرأي الآخر وتجدهم أي المتملحدين الجدد يتضجّرون ممن ينتقدهم ويشير إليهم بالنقد فأين هم ومدّعاهم بقبول الرأي الآخر .
وتجد منهم المتأسلمين من ذوي المبادئ والقيم والمثل العليا الذين يتيهون في الفرق والمذاهب الإسلامية فلا يعجبهم العجب فينتهجون مذهب جديد وكأنهم ممهدون لديانة جديدة ما أنزل الله بها من سلطان فتجد منهم من يتطاول على أمير المؤمنين عليه السلام بقصد المحاججة وهو لا يعلم بهذا أنه ضرب أساس من الأسس البديهية التي تعلمناها من رسول الله صلى الله عليه وآله كما في رواية أقضاهم علي فيتركون الأصل ويذهبون للفرع ، فتجد القاتل مسكوت عنه والسارق عادل وشارب الخمر مستثنى والمخنث أميراً ، فتجد التمجيد على أشدّه لحامي البوابة الشرقية صدام حسين لا رحمه الله ، وفكرهم المخنث نابع من قلب الحقيقة إلى كذبة يصدقونها هم وأتباعهم.
وهذان نموذجان من التخنث الفكري الذي لا ينطلي على ذوي العقول المستنيرة الذين لا يسقطون أفكارهم على الآخرين كنحو من الفرض والجبر بل تجد أصحاب العقول يرجعون الكلام إلى أساسه ويبحثون في المعلومات التي تطرأ عليهم كمعلومات جديدة ولا يحرفون الكلام عن موضعه ولديهم أمانة علمية في النقل وكما أنهم لا يقصون من خالفهم بالرأي إلى ما وراء المجره ، وليتهم أي المخنثين فكرياً يعودوا إلى رشدهم في يوم من الأيام حتى لا يغطسون في لجة الجهل والعمى كمن أضاع المشيتين .
وأستغفر الله لي ولكم
ولنا لقاء ليس ببعيد