بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحياتي للجميع
واقعا في سنوات مضت كنت وأخواني السنة نتحاور حول مسائل عديدة ، ففي كل مناسبة تمر يكون هناك حوار خاص بتلك المناسبة وخاصة أن المناسبات التي لدينا نحن أتباع المذهب الإمامي الاثني عشري كثيرة فمنها أيام ولادتهم ووفاتهم عليهم الصلاة والسلام وغيرها من المناسبات ، فتكون الحوارات إما بالمدرسة أوالجامعة وكذلك المجالس العامة ، ويكون الحوار من باب الفهم لا العناد ، فمن تلك المواضيع التي كنا نتحاور فيها هو موضوع عاشوراء وصيامه وأن الصيام يعبّر عن الفرحة والسرور ، فكان الأخوة من أهل السنة يستنكرون مسألة أن الصيام هو تعبير عن الفرحة والسرور، واستنكارهم لم يأتي من فراغ فهناك مصادر عديدة في التأريخ تؤكد أن بني أمية كانوا يعاكسون الشيعة ( الروافض ) في العاشر من محرم في حزنهم على مقتل سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه وعلى آبائه السلام حيث ذكرالحافظ ابن كثير: «وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء النواصب من أهل الشام فكانوا إلى يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ويغتسلون ويتطيبون ويلبسون أفخر ثيابهم ويتخذون ذلك اليوم عيداً يضعون أنواع الأطعمة، ويظهرون السرور والفرح، يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم».
المصدر البداية والنهاية للحافظ ابن كثير: ج8 / ص252.
وقد سئل الإمام أحمد بن حنبل عن حديث (إن من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته ).
فقال: لا أصل له وليس له سند .. وقال ابن الجوزي: هو موضوع، وقال الإمام الشوكاني: في الفوائد المجموعة: هو موضوع بلا شك.
وقد ورد في كتاب عاشوراء بين السنة والابتداع لعبدالله فراج الشريف: ص9 ما نصه : من صام يوم عاشوراء اعطي ثواب عشرة ألاف ملك ،وقد قال الشوكاني : ذكره في اللآلي مطولا عن ابن عباس مرفوعاُ وهو موضوع ، المصدر: الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للإمام الشوكاني: ص96.
فقد كان أهل السنة الذين نناقشهم يخرجون بنتيجة أن الفرح والسرور في العاشر من محرم يعبّر عن فعل النواصب وأننا (أي أهل السنة ) لا نفرح ولا نعتبر صيامنا فرحاً بل من باب التأسي بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله في صيامه لعاشوراء .
وحقيقة لا أسلم بهذه النتيجة ففيها كلام لم ينتهي بعد وسوف يأتي في محله ، والشاهد من هذه المقدمة أن الفرح والسرور هو من فعل النواصب وليس من فعل أهل السنة ، فأهل السنة بريئون من هكذا دعاوى بالرغم من صيام بعضهم ليوم العاشر من محرم الحرام .
وبعد سنين أتانا من يريد إحياء شعار نواصب أهل الشام في أن يوم عاشوراء يوم الفرح والسرّاء وليس يوم الحزن والبكاء وأكد لنا أن الصيام هو تعبير عن الفرحة والسرور ضارباً بذلك جميع القيم والمعايير التي جبل عليها المجتمع الكويتي بسنته وشيعته معلناً دعوى النواصب في الفرح بذلك اليوم معاكسة لحزن الشيعة على ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله .
والشيعة يحزنون على من ؟ أليس على سيد شباب أهل الجنة بإتفاق علماء المسلمين ، أليس الحسين عليه السلام من بكى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله ؟
فعن عائشة قالت: دخل الحسين بن علي رضي الله عنهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوحى إليه فنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منكب على ظهره فقال جبرئيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحبه يا محمد قال: يا جبريل ومالي لا أحب ابني قال: فإن أمتك ستقتله من بعدك، فمد جبريل عليه السلام يده فأتاه بتربة بيضاء فقال: في هذه الأرض يقتل ابنك واسمها الطف، فلما ذهب جبريل عليه السلام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والتزمه في يده يبكي فقال يا عائشة إن جبريل أخبرني أن ابني حسين مقتول في أرض الطف وإن أمتي ستفتن بعدي، ثم خرج إلى أصحابه فيهم علي وأبوبكر وعمر وعمار وأبوذر وهو يبكي فقالوا ما يبكيك يا رسول الله، فقال: أخبرني جبريل عليه السلام أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف وجاءني بهذه التربة وأخبرني ان فيها مضجعه.
المصدر : مجمع الزوائد لنور الدين الهيثمي: ج9 / ص190 / رواه أحمد ورجاله صحيح، المعجم الكبير: ج3 / ص107 / ح2815.
و عن أبي هريرة قال: ما رأيت الحسين بن علي إلا فاضت عيني دموعاً.
المصدر: سنن الترمذي: ج5 / ص656 / ح3769، الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي: ص191 ط مكتبة القاهرة.
فهكذا نتأسى نحن شيعة محمد وآل محمد بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله معلنين أن يوم عاشوراء يوم الحزن والبكاء لا يوم الفرح والسرّاء .
خادم العترة