الاثنين، 27 سبتمبر 2010

عقول مسيرة

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



تحياتي للجميع
نلاحظ في الكثير من قضايا الرأي العام انجراف الناس نحو مطلوب معين سواء كان سلبي أم إيجابي ، فتجد الكثيرين يميلون ميلا عظيما نحو رأي معين ويصبّون جام قواهم في نشر ذلك الرأي والناس يتهافتون بعقول مسيرة لمعرفة جميع التفاصيل وكأن القضية باتت تقض مضاجعهم فلا يسمعون الطرف الآخر وما يبديه من آراء وغياب حكم العقل الذي يدعو إلى التروي والتريث حتى تتضح الصورة سواء للطرف المؤيد أو المعارض فمع هذا الزخم الاعلامي يأتيك واجس واحساس مؤكد أن هناك متنفذ يصول ويجول هنا وهناك ويسعى ليحقق المطلوب حتى يتحقق الهدف من تلك القضية التي اشتغل بها الصغير قبل الكبير .
تسيير عقول الناس ليس بالأمر الهيّن والسهل بل هو من الصعوبة التي تجعل من يتقنه يكون مسيطر على غالبية وسائل الاعلام حتى يبث ويروج المقدمات التي تحقق المطلوب من جراء طرح القضية وتعميمها حتى تكون قضية رأي عام يتدخل بها السياسيون والكتّاب و البقّالون فيطّبلون ويزّمّرون ومن كثرة الضجيج تتصور أنك في سوق لتصفير النحاس فالأصوات المتعالية تتشابك وتتعارك وتحسب نفسك في مباراة الحكم فيها لا يستطيع أن يسيطر على اللاعبين تجده يغفل عن ذاك اللاعب أو تلك اللكمه او الجذبه ، فالناس في قضايا الرأي العام لا يسعمون إلا طرف واحد ولا يرون جميع الجهات ويغيبون عقولهم ويكونون كحكم المباراة الذي يفوته الكثير من أخطاء اللاعبين .
مع خوض الناس في تفاصيل قضايا الرأي العام تجدهم مسيسون لذلك المتنفذ دون أن ينتبهوا ، فيتصورون أن تلك القضايا بعض الاحيان تكون مصيرية ولا يستطيعون السكوت عنها فيعتبرونها قضية حياة او موت بالنسبة لهم ، ولا ينتبهون للأجندة المفترضة لهم ولا ىمكنهم العدول عنها إلا إذا تجردوا عن كل رأي موجود واستقلوا بعقولهم وتابعوا الاحداث من خارج الدائرة ،ولكن هيهات ان ينتبهوا فالمتنفذ متحكم بهم دون ان يشعرون به ، فيجعل نظرتهم ضيقه فلا يستطيعون ان ينظروا للجوانب الأخرى من الحقيقة حيث أنهم انزلقوا في دوامة عنيفة لا يمكن السيطرة على أطرافها بسبب خوضهم في تفاصيلها وانغمارهم فيها دون ان يشعرون بها أو ينتبهون إلى أهدافها ومآربها .
فحينما تذهب إلى المقاهي والمنتديات والتجمعات والمجالس الشعبية وكل محفل تجدهم يخوضون في قضية الرأي هذه دون وعي ، فتحسب نفسك في حفل زار زيد في دخانه وعلت به أصوات طبوله ، وبعد تحقق النتيجة من ذلك الزار تجد الكل يصفقون بحفاوه على بلادتهم ظنا منهم أنهم انتصروا وأن المسألة انتهت إلى هذا الحد دون أن يلتفتوا إلى أن هناك مسائل مستعصية تم تمريرها من خلال قضية الرأي تلك ولعل هناك مآرب أخرى تحتاج إلى وقت لجني ثمارها مستقبلا ويبقى السؤال ما هو المطلوب منا؟ .
المطلوب هو التجرد وعدم الانجراف إلى رأي دون آخر وعدم الخوض في تلك القضايا وتكوين نظرة إجمالية للموضوع وتنتبه لجميع ما يدور من احداث خلال تلك الفترة وتحرير العقول من القيود القابعة عليه وتكون محايدا حيث أنه لا ناقة لك ولا جمل في تلك القضية المثاره وإن كانت مهمة ، وبعد انتهاء تلك القضية يفترض عليك أن تلملم أوراقها المبعثرة وتعيد ترتيبها من جديد حتى تخرج بنتيجة يقبلها العقل وتكون وجهة نظر محترمة وليس بالضرورة أن تكون صحيحة بل تجانب الصواب في كثير من الأحيان وتكون صاحب رأي مستقل بعيد عن الضوضاء والمشاحنات والقيل والقال وبعيد عن إصدار الأحكام المسبقة على جريان الأحداث حتى لا تكون من ضمن قطيع البهائم السائرة خلف سائقها.
ولكم الشكر على القراءة ....